"المناطق الخاضعة للاحتلال التركي بعيدة كل البعد عن الأمان ومليئة بانتهاكات حقوق الإنسان"

حملت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عبر تقرير لها صدر بتاريخ 29 شباط 2024، تركيا المسؤولية عن الانتهاكات المرتكبة مباشرة أو عبر مجموعات تابعة لها في الشمال السوري.

قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها إن "تركيا تتحمل المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها عناصر قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها في شمال سوريا".

وأضافت: "المسؤولون الاتراك مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحملون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات، كانوا متورطين مباشرة في جرائم حرب مفترضة فيما تسميه تركيا منطقة آمنة".

ونقل التقرير عن نساء كرديات محتجزات تعرضهن للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، متحدثاً عن "احتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم".

وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن "الجيش الوطني السوري" و"الشرطة العسكرية" المدعومان من تركيا، ارتكبا "الاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة"، وأخضعا العشرات "لمحاكمات عسكرية جائرة في ظل إفلات من العقاب".

وفي السياق، أجرت وكالة فرات للأنباء حواراً مقتضباً مع الباحثة في قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، هبة زيادين.

والى نص الحوار:

- بخصوص تقريركم حول الانتهاكات في مناطق شمال سوريا قمتم بتحميل (الجيش الوطني) والمسؤولين الاتراك المسؤولية حيالها وقلتم انكم وثقتم الكثير من الحالات التي بنيتم عليها تقريركم الى اي مدى يمكن وصف هذه الحالات بالخطيرة والتي استدعت اصداركم لهذا التقرير؟

الحالات التي وثقناها هي حالات حدثت ما بين 2018 و2023، نعم إن هذه الحالات خطيرة في حد ذاتها، لكن المغزى ايضاً من تسليط الضوء عليها هو لأنها تشير إلى منهجية هذه الانتهاكات والإفلات من العقاب العارم في جميع أنحاء الأراضي المحتلة من قبل تركيا. 

- ذكرتم الكثير من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت في تلك المناطق والتي ترتقي الى كونها جرائم حرب واشرتم الى تورط المسؤولين الاتراك فيها، الى أي مدى برأيك تحترم تركيا القانون الدولي في تلك المناطق التي ذكرها تقريركم؟

حسب توثيقنا وتوثيق لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، فإنها تركيا لا تحترم القانون الدولي في مناطق سوريا التي تحتلها ولا تفي بالتزاماتها الدولية كدولة محتلة. إذا ارادت تركيا إثبات خلاف ذلك فعليها السماح لمراقبي حقوق الأنسان المستقلين بالوصول دون عوائق إلى المناطق التي تحتلها، بما في ذلك السجون ومراكز الاعتقال التي يديرها الجيش الوطني السوري.

- بالعودة الى تصريحات أحد المسؤولين الاتراك والتي نقلتها وكالة اسيوشيتد برس قال هذا المسؤول انه المعارضة السورية حققت تقدماً كبيراً في تحسين حقوق الانسان في تلك المناطق التي ذكرتموها وان تلك القوات الموجودة فيها تتعاون مع وكالات الامم المتحدة الى مدى تعكس تصريحات المسؤولين الاتراك الوقائع على الارض في ظل صدور تقرير موسع حول كل ما يدور هناك من انتهاكات وجرائم؟

الجيش الوطني السوري هو تحالف فضفاض يضم العديد من الجماعات المسلحة المحلية المختلفة والموحدة بالاسم فقط. وتمارس الفصائل سيطرتها بشكل عشوائي على الأراضي التي تحتلها تركيا، حيث يتم تقسيم القرى والبلدات وحتى الأحياء الفردية فيما بينها. ونتيجة لذلك، تتسم الحياة هناك بالفوضى والانفلات الأمني. وحتى قوة الشرطة العسكرية التي أنشأتها الحكومة السورية المؤقتة للحد من الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل هي نفسها متورطة في الانتهاكات. كان هنالك عدد من محاولات الإصلاح على مدى السنوات الماضية، ولكنها فشلت إلى حد كبير في كبح الانتهاكات المتفشية من قبل أعضاء الفصائل.

-المناطق التي ذكرها تقريركم تدعي تركيا بانها مناطق آمنة، إلى أيّ مدى يمكن اعتبار هذه المناطق كمناطق آمنة؟

كما يوضح تقريرنا، فإن المناطق الخاضعة للاحتلال التركي بعيدة كل البعد عن الأمان، فهي مليئة بانتهاكات حقوق الإنسان وقوانين الحرب التي ترتكبها في المقام الأول فصائل الجيش الوطني السوري والشرطة العسكرية.

- ذكرتم في تقريركم موضوع الافلات من العقاب بخصوص المتورطين بارتكاب الانتهاكات والجرائم في تلك المناطق برأيك من المسؤول عن معاقبة هؤلاء قانونيا ومحاسبتهم وفي حال رفض معاقبتهم من قبل سلطات الاحتلال هل هنالك جهات حقوقية دولية معنية بحقوق الانسان يخول لها تقريركم بمعاقبتهم ومحاسبتهم؟

على المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي ان يضغط على تركيا باستخدام النفوذ المتاحة له. بإمكانهم فرض العقوبات، كما فعلت الولايات المتحدة مع ثلاثة فصائل من الجيش الوطني السوري. بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، يمكن للمسؤولين القضائيين الوطنيين النظر في القضايا المرفوعة ضد أفراد متورطين بشكل موثوق في بعض الجرائم الدولية حتى لو ارتكبت في مكان آخر وهناك ايضاً المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تركيا طرف فيها على سبيل المثال، سبق ان خضعت تركيا للمساءلة عن انتهاك حقوق المقيمين والمقيمين السابقين في المنطقة المحتلة من قبل تركيا في شمال قبرص.

- كمنظمة دولية وفي اصدار هكذا تقرير مطول هل حاولتم مخاطبة الدولة التركية ومسائلتها حول كل ما دار في تقريركم؟

نعم بالتأكيد حاولنا مخاطبة السلطات التركية والحكومة السورية المؤقتة وحتى القادة الأفراد المذكورين في تقريرنا، لكن لم نحصل على رد قبل النشر نحن نخاطب السلطات التركية تقريباً قبل كل بحث ننشره، ونادراً ما يستجيبون لنا.